تتعالى أصوات هنا وهناك، مرة تلو أخرى، تنتقد واقع المرأة في المجتمعات العربية والإسلامية، وتنتقد وأوضاعها البئيسة... وتدعو إلى "إنصافها" من مختلف ما تعانيه.
وفي إطار رفع المظلومية عن المرأة المسلمة، سطرت بعض الحركات النسوية العديد من المطالب ولعل من أبرزها المناداة بتحقيق المناصفة بين المرأة والرجل في كل المجالات، مما يستدعي منا الوقوف عند هذا المطلب ليس ردا أو تعقيبا بقدر ما هو تأصيلا وتسديدا.
وتجدر الإشارة أنه لأجل بلورة رؤية تأصيلية شرعية لأي مسألة ومنها مبدأ المناصفة، لا بد إضافة إلى جرد وتتبع أقوال الوحي في الموضوع ناهيك عن الإحاطة بالسياق وبالواقع المرتبطين بهذا المطلب.
ما المقصود بالمناصفة؟
من معاني المناصفة في قواميس اللغة الإنصاف، كما تعني أخذ نصف الشيء...
فالمعنى الأول الذي هو الإنصاف والعدل ورفع الظلم وضمان الحقوق هو عين ما جاءت شريعة الإسلام لتحقيقه، واعتبرت كل تلك المكاسب مطالب شرعية حث الإسلام على طلبها والعمل على تحقيقها من الرجل والمرأة على السواء ولا يجادل في ذلك اثنان...
وغني عن التذكير بالنصوص الشرعية المشرعة لهذه المبادئ والمنافحة عنها: المساواة في حق الحياة- المساواة في التكاليف الشرعية إلا ما استثني لخصوصية- المساواة في الجزاء المقابل للعمل- المساواة في مبدأ استحقاق الإرث- المساواة في الحقوق المقابلة للواجبات....
أما المعنى الثاني للمناصفة والذي يعني أخذ النصف، فهو المعنى الذي يدندن حوله القوم ويريدونه ويقصدونه؛ من خلال المطالبة بنسب متساوية بين النساء والرجال في كافة مراكز القرار السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والقضائي، والإداري، على الصعيد الوطني كما الجهوي والمحلي، ودسترة التدابير الإيجابية لنفاذ النساء مناصفة مع الرجال في كل مواقع القرارات السابقة وغيرها ضمانا لحقوق المرأة ورفعا للظلم والبؤس والتهميش الذي يطال واقع حياتها.
لنتأمل الواقع:
لا أحد ينكر مظلومية المرأة من حيث معاناتها ظلمين: أحدهما تقتسمه والرجل من حيث شظف العيش والأمية والجهل والمرض والبؤس الاجتماعي و... والثاني يتكبده جنس الإناث جراء تسلط جنس الذكور عليهن، ولعل من صوره وتجلياته العنف الأسري والطلاق التعسفي والتعدد الجائر و....
بناء على ما سبق، نجد إلزامية طرح الأسئلة الآتية:
هل وجود نسبة من النساء متساوية مع نسبة الرجال في مؤسسات القرار هو الضامن لإنصاف النساء وتحقيق مطالبهن؟
هل مبدأ المناصفة هو صمام الأمان والشرط الحاسم لتحقيق ما سبق؟
هل؟ وهل؟ وهل؟...
أم هي الكفاءة والقدرة والاستحقاق في ظل إرادة سياسية منصفة؟
إن الواقع بل التاريخ يؤكدان أن الإرادة المستقلة الحرة النزيهة هي المعول عليها في التغيير نحو الأفضل. لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾[1]؛ أي إن الاقتناع بأهمية المطلب بل بوجوب تحققه يعد محفزا لطلب التغيير والسعي إلى حصوله، كما أن توفر المرأة على الكفاءة والقدرة والاستحقاق... يعتبر ضامنا لحصول التغيير من حيث شيوع العدل وضمان الحقوق...
كان ما سبق مرتبطا بالمناصفة كمفهوم ومبدأ، أما ما يخص ملابسات طرحه فنلامسه من خلال النقطة الموالية:
إن سهر المجتمع الدولي على المناداة بمثل هذه المطالب وحماسه في إثارتها وسط الشعوب المسلمة وكذا المستضعفة لا نعده أمرا عاديا ولا موضوعيا باعتبار أن للعالم الإسلامي وللدول المستضعفة أوليات مستعجلة أكثر من تلك المطالب من جهة[2]، ومن جهة أخرى كون العديد من الدول في المنظومة الدولية ما زالت تعاني الأمرين جراء غياب تلك المطالب من واقعها؛ ففيما يخص المطالبة بمبدأ المناصفة مثلا نجد أن الاتحاد الأوروبي قد منح للمغرب غلافا ماليا بأكثر من أربعمائة وسبعة وتسعين مليون درهم لتمويل برنامج "الخطة الحكومية للمساواة في أفق المناصفة"، في حين أن ذات المبدأ غائب بنسب متفاوتة في مجموع دول الاتحاد الأوروبي[3].
عدم إخراج المرأة عن طبيعتها الوظيفية.
عدم العود على وظيفتها التربوية في الأسرة بالخرم والإبطال.
عدم تحميل قدرتها الجسمية والعصبية فوق ما تحتمل في الأصل والعادة.
- التحرر من ضغوط المنظمات الدولية وهيمنة العولمة.
- التحرر من سيطرة الأعراف المخالفة لروح الشرع وجوهر الدين.
- العمل على تجديد الرؤية الشرعية للعديد من قضايا المرأة والأسرة.
- وقبل ذلك وأثناءه وبعده، لا بد من: